صناعة الجهل
عندما يُصنع الجهل ، يُنتج مجتمع متدهور متهالك ، يُستهلك كطفيل متحول ، يلتهم الأخضر واليابس ، ويدمر كل شيء ، وكل ذلك يتم من خلال انتاج شعب جاهل ،لا يعرف الحق من الباطل ، ولا الصواب من الخطأ ، وينقسم هذا الشعب إلى خمس فئات يمكننا التحدث عنها بإيجاز كالأتي:ـ
الفئة الأولى : أصحاب الاقنعة الملونة
وهؤلاء هم المتسللون خفية ، وراء أقنعة من التعقل والمواعظ والنفاق ، وهم حريصون على إخفاء ذلك عن الأنظار قدر الإمكان ، فالصدق والوطنية عندهم هي العائق الكبير ، في حين أن خيانة الأمانة والكذب والظلم تجلب لهم النجاح ، ولذا فإننا نراهم يستخدمون جميع أنواع الحيل والتلاعب ، بهدف تقويض الآخرين وأهدافهم ببطء ، فالجشع والأنانية في أصل عقيدتهم وصميم ثقافتهم ، فهم لا يفكرون إلا في نفسهم فقط واحتياجاتهم الشخصية ، ويبقون جميع الموارد لأنفسهم فقط ، ويتلاعبون من أجل الحصول على ما يريدون .ـ
الفئة الثانية :المنسقة (العمياء)ـ
وهؤلاء هم الذين يتحولون الى عبيد مجانا ، فالدونية تطاردهم ، ولذا يحاولون تعويض ذلك بطريقة خاطئة ، فيتبعون الاستبداد ولا يبالون ، ويتلقون الأوامر ولا يفكرون ، فليس لديهم وعي بالمسائل الهامة ، ولا يفهمون كيف تكون الحياة ، فهم أفراد عقيمين بلا جدوى ، لأنهم لا يدركون الضوء من الظلام ، و يحولون الضوضاء إلى لحن ، والقبيح إلى جميل ،والغبي إلى ذكي ، والقديم إلى جديد وحديث ، بهدف الحصول على بعض المال ، أو بعض المناصب المحدودة من السلطة .ـ
الفئة الثالثة :النائمة ( الغافلة ).ـ
وهؤلاء هم الغير قادرين على الاستيقاظ للأسف ، يتم برمجتهم على الاعتقاد بأنهم يتلقون الأوامر فقط ، و يقومون بتنفيذها دون تفكير، تحركهم رغباتهم ودوافعهم الغير عقلانية ، ينعدم احساسهم تجاه النكبات التي يتضرر منها الآخرين ، والتي لا تؤثر عليهم بصورة مباشرة ، فهم لذلك لا يتألمون لها ، لكنهم يتأثرون و يتألمون من النكبات التي تؤثر على مصالحهم المباشرة فقط ، وينكرون التدهور والدمار ، لأنهم يتخبطون في الثقافة المادية السطحية ، وفي نفس الوقت ليسوا مستعدين لقبول عواقب أفعالهم، هؤلاء من السهل السيطرة عليهم ، وقيادتهم لتدمير أنفسهم ومجتمعاتهم ، لأنهم غير قادرين على فهم ظروفهم الوخيمة ، لذلك يُساعدون بما لا يُقاس في تدمير مجتمعاتهم ، ثم يتسألون بعد ذلك ماذا حدث؟ ــ
الفئة الرابعة : المحايدة ( المتفرجة ).ـ
أولئك هم الواقفون على الحياد ، قولهم المأثور أنا لست مع هذا أو ذاك ، وبذلك لم يتخذوا أي طريق أو يحددوا وجهتهم ، لكن عليهم أن يدركوا أن الجلوس بهدوء دون أن يحركوا ساكنا في وجه الظلم والمعاناة ، يحملهم المسؤولية ، ولذا فعليهم أن يفكروا و يراجعوا أنفسهم في قول الحق ، عند مواجهة الظروف التي لا تطاق ، وأن يدركوا أنهم بعدم تحركهم هذا ، يدعمون الفئات السابقة بطريقة غير مباشرة ، ولذا فهم مذنبون في حق أنفسهم وحق الآخرين ، لأنهم مشاركون في الظلم ، أما لو تحركوا سوف يقولون على الأقل ، إننا حاولنا حتى النهاية على قول الحق ، وفعلنا ما هو صحيح ..
الفئة الخامسة :المحسنة ( الواعية )ـ
فهم أولئك الذين يمتلكون المعرفة الإيجابية اليقظة ، لديهم فهم للحقائق و رغبة فطرية للرحمة والرعاية تجاه الآخرين ، وهم على استعداد للتضحية و مساعدة المحتاجين ، ولديهم الفهم للصعوبات التي تنتظر المجتمع ، ويمتلكون درجة كبيرة من الوعي عن ماهية الحياة ، إنهم يعملون للمصلحة الاجتماعية ، لأنهم يشعرون بالرضا ، شعارهم نأكل لنعيش ونعيش لنناضل ونناضل لإظهار كلمة الحق ، فمن المفترض أن بهم يتشكل واقع المستقبل.ـ
أ / هدى الضرعي